نيك هيث
في هذا المقال نترجم لكم ما كتبه نيك هيث كبير مراسلي مدونة TechRepublic بالمملكة المتحدة، يكتب عن التكنولوجيا التي يحتاج صناع قرار تكنولوجيا المعلومات إلىمعرفتها، وآخر الأحداث في مشهد التكنولوجيا الأوروبية.

الجزء الثانى:
في الجزء الأول تحدث نيك عن الأسباب المؤدية لتقلص الدور البشري أمام الميكنة والحوسبة، وقام بتسليط الضوء على المجالات التي تنبأت الدراسات بتلاشي الدور البشرى فيها. في هذا الجزء يتناول نيك شرح المجالات الأخرى حيث يحدث العكس ويزدهر الدور البشري فيها وكيفية إيجاد سبل جديدة لمن تم استبدالهم بالميكنة.

أي الأدوار يمكن أن تزدهر في عصر الماكينات؟
فرص العمل ليست قاتمة بالنسبة لكل المهن وفقًا لبرينجولفسون. ووفقًا لدراسة مدرسة مارتن بأكسفورد وكلية الفلسفة.
فهم يحددون ثلاثة مجالات واسعة من النشاط البشري ستكون مقاومة للميكنة في المدى القصير والمتوسط.

الأدوار اليدوية:
وعلى الرغم من كون العديد من الأدوار اليدوية منخفضة الأجر، لكن هذا النوع من العمل من المرجح أن تظل مقاومة للميكنة لدرجة مستغربة. بعض الوظائف الغير مُجزية اليوم تبقى صعبة بطريقة استثنائية على الروبوتات، مثل أبسط المهام اليدوية مثل المشي على المناطق الوعرة التي هي أبعد من قدرات معظم الروبوتات الحديثة. تعرف هذه الظاهرة باسم مفارقة مورافيك Moravec’s Paradox، وهي ملاحظة ترجع لكبار باحثي الذكاء الاصطناعي في الثمانينيات تنص على أن أجهزة الحاسب تجد صعوبة في المهام التي نعتبرها سهلة والعكس بالعكس. فبينما يستغرق الإنسان ثوان لطيّ منشفة، فإن الروبوت الذي استخدم لتنفيذ نفس المهمة في عام 2010 استغرق ما يقرب من 25 دقيقة.

وكما يشير الكتاب: “نتائج مثل هذه تشير إلى أن الطهاة، البستانيين، عمال الصيانة، والنجارين، وأطباء الأسنان، والممرضين المنزليين ليسوا على وشك أن تحل محلهم الآلات في المدى القصير وجميع هذه المهن تنطوي على الكثير من العمل الحسيّ، وكثير منها تتطلب أيضًا مهارات التفكير، التعرّف على إطار واسع من الأنماط، والاتصالات المعقدة”.

“الآلات خرقاء جدًا إذا فكرت في الأمر. ليس لديها خفة الحركة، وقليل، إن وجد، من الروبوتات يمكنها أن تلتقط عملة عشرة سنتات من على مكتبي، على الرغم من أن الشخص البالغ من العمر ثلاث سنوات أو سنتين يمكن أن يفعل ذلك” كما قال برينجولفسون.

الأعمال الإبداعية:
“التكنولوجيات الرقمية من نواحٍ عديدة هي مكملة وليست بديلة للإبداع”، كما قال برينجولفسون.

“إذا جاء شخص ما بأغنية جديدة، مقطع فيديو، أو واحدة من البرمجيات فليس هناك وقت أفضل في التاريخ لتكون شخصًا مبدعًا يُريد الوصول، ليس فقط لمئات أو لآلاف، ولكن للملايين والمليارات من العملاء المحتملين.

وأضاف “هذا نبأ عظيم لكثير من الناس الذين يصبحون مليونيرات أو حتى مليارديرات باستخدام قدراتهم الإبداعية لعمل منتجات وخدمات جديدة يمكن رقمنتها” واضاف.

العلاقات الإنسانية:
“الآلات ليست جيدة جدًا في التحفيز والرعاية، والاهتمام براحة الناس. التفاعلات البشرية هي شيء مهم ولكن، حتى الآن على الأقل، فالآلات غير ملائمة إطلاقًا لهذا النوع من المهام.”

وقال أن المهارات الاجتماعية المعاقة لدى الآلات تعني أن مندوبي المبيعات، ومديري المشاريع ورواد الأعمال سيكون لهم مستقبل مشرق معقول، وكذلك الممرضات ومعلمات رياض الأطفال والمساعدون المنزليون.

معًا أفضل:
النتيجة الأكثر بعثًا على التفاؤل من الميكنة نفسها وما تؤدي إليه من بطالة جماعية هي أن نرى هذه التقنيات باعتبارها أداة تسمح للناس بإنجاز أكثر.

فتمامًا مثلما لا نجدُ أحدًا يرثى معالجات النصوص الإلكترونية التي تعني أنه لم تعد هناك حاجة لإعادة كتابة وثيقة من الصفر، لذلك فمن المرجح أننا نرحب بالمقدرة على التعرف الآني على الكلام real-time speech recognition والترجمة.

يستكشف برينجولفسون فكرة تعاون الناس مع الآلات، بدلًا من التنافس ضدها، وتحقيق أكثر مما يمكن لكل واحد تحقيقه بشكل فردي.

وقد تجلت قوة التعاون بين الإنسان والآلة من خلال لاعبي شطرنج هاويين غير مصنفين في عام 2005، كما يقول برينجولفسون ومكآفي في الكتاب. شارك زوج عشاق الشطرنج في بطولة حرة للشطرنج على موقع Playchess.com، حيث يمكن للأفراد عمل فريق واحد مع أشخاص آخرين أو أجهزة الحاسب. وعلى الرغم من الصعود لمواجهة عدة محترفين للشطرنج والحاسب الفائق ‘هيدرا‘ استطاع زوج الهواة الفوز في المسابقة، وذلك باستخدام برمجيات شطرنج مخصصة تعمل على ثلاثة أجهزة حاسب محمولة لتحليل الرقع وتوجيه لعبهم.

“هذه حدود حقيقية لرواد الأعمال لتطوير طرق جديدة لما نسميه “السباق مع الآلات”، وهو الجمع بين الآلات والبشر في طرق جديدة للسماح لهم بالقيام بالمهام التي كان لا يمكنهم القيام بها سابقًا”، كما قال برينجولفسون.

وأضاف “أعتقد أن هذا مثير للغاية وأنه غير مفهوم جيدًا. على سبيل المثال، يمكن أن أتصور الواقع التكميلي Augmented reality يساعد البشر. تخيّل أنك مساعد منزلي أو ممرض ورأيت وحمة أو علامة مرضية غير عادية غير متأكدين تمامًا ما هي، يمكنك استخدام نظارات الواقع التكميلي أو أدوات أخرى لترسل صورة من هذا التطور إلى خبير بشري أو حتى نظام خبير، وهو نظام صنع قرار يحلل شكل وملامح تلك العلامة ويعطي المشورة بشأن ما إذا كنت بحاجة لجلب ذلك الشخص لتلقي العلاج “.

وأضاف أيضًا، “وبالمثل، يمكن لتلك النظارات تركيب معلومات مفيدة للميكانيكيين والجراحين والطهاة لـ”مساعدتهم مع أجزاء المهام التي لن يعرفوا كيفية القيام بها بشكل آخر”.

“[هناك] أنواع عديدة أخرى من المهام حيث يمكنك الجمع بين التكنولوجيا مع المهارات البشرية، وبذلك حتى العمال ذوو المهارات المتوسطة يصبح بإمكانهم أن ينجزوا المهام التي لم يتمكنوا من عملها في السابق”، كما قال برينجولفسون.

الكتاب يكرر شيئًا يمكن أن يبدو نافعًا كمشورة مهنيّة في المستقبل: “إن المشورة المهنية التي يقدمها رئيس جوجل الاقتصادي هال فاريان في كثير من الأحيان: اسعَ لتكونَ مكملًا لا غنى عنه لشيء يزداد رُخصًا ووفرة.”

يرى جينينغز الأستاذ بجامعة ساوثامبتون دور الذكاء الاصطناعي في تعليم الناس المهارات اللازمة للقيام بأدوار جديدة.

“يمكنك أن ترى الذكاء الاصطناعي كنظام ومستودع للمعرفة المشتركة” كما قال جينينغز. “يمكنك تجسيد الكثير من ذلك في البرمجيات. فبجعل نظام البرمجيات يعمل كذاكرة مشتركة يمكن أن تجعل القيام بالوظائف التي تتطلب مهارات متوسطة أسهل. فيمكن أن تساعد في نقل المهارات وسيولة البشر [للتنقل بين وظائف].”

وجود برمجيات قادرة على تزويد العمالة بالبيانات والسجلات ذات الصلة في جزء ضئيل من الوقت الذي سيستغرق الشخص قد يكون ضروريًا إذا استمرت البيانات الرقمية في النمو بسرعتها الاطرادية الحالية.

“وكلما نحصل على مزيد من البيانات والمعلومات المتاحة أكثر من أي وقت مضى، فإنه يصعب على البشر القدرة على أخذها في الحسبان” كما قال جينينغز. “أرى الآلة تتدخل وتوفر اندماجًا ذكيًا من هذه البيانات وتعمل عليها مع البشر.”

وأعطى مثالًا على كيفية مساعدة ‘واتسون‘ نظام IBM للأطباء بعمل اقتراحات تستند إلى الأبحاث من أحدث المجلات الطبية. ويجري بالفعل تجربة النظام في مركز ماين لطب السرطان Maine Center for Cancer Medicine ومجموعة وستميد الطبية Westmed Medical Group في نيويورك، حيث توصي بعلاجات سرطان الرئة.

من معرفته للطريقة عمل نظم الذكاء الاصطناعي اليوم، يجد جينينغز أنه من الصعب تصور وجود نظام يمكن أن تحلّ محل مجموعة كاملة من مهارات الإنسان.

“إن برمجيات الذكاء الاصطناعي تميل إلى أن تكون عميقة جدًا وضيقة جدًا،” كما قال. “هناك المزيد من فرص العمل أو المهام الأكثر احترافًا التي تتطلب فقط قاعدة أوسع من الخبرة والتجربة التي يناضل الذكاء الاصطناعي من أجل اكتشافها”.

بدلًا من ذلك فإن جينينغز يرى الأنظمة التي تعتمد على روتين الذكاء الاصطناعي تتخذ تدريجيًا دورًا أكبر وأكبر في مساعدة البشر على القيام بوظائفهم.

“أين ستبدأ في الحدوث؟ في المهام الضيقة. وسوف تبدأ بصنع الحاسب لاقتراحات وإذا كان كل ما تفعله تدريجيًا هو الضغط على اختيار ‘نعم‘، فإن ثقتكم فيما يمكن للبرنامج القيام به سوف تزداد تدريجيًا” كما قال. وأضاف “هذا بالنسبة لي هو أفضل نموذج للمتابعة ثم عندئذ سنكون في طريقنا لتطوير بعض البرامج الفاخرة وإقالة كل هؤلاء الناس”.

هل سيجد المُرحّلون أدوارًا جديدة؟
ربما أفسد عصر الآلة الأول – الثورة الصناعية – سبل معيشة العديد من التجار الحرفيين لكنه لم يكن لها أثر سلبي دائم على عدد من الوظائف في الدول الصناعية.

وكما قال آلان مانينغ، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد: “التاريخ يعلمنا أن أسواق العمل قادرة على التعافي من الاضطرابات الناجمة من التغير التكنولوجي.”

“إذا اتخذنا منظورًا تاريخيًا فإن التغير التقني كان دائمًا ما يُفني بعض الوظائف وينشئ غيرها، وهذه لن تكون مختلفة عن تلك” كما قال مانينغ، “سيكون هناك بعض الأشخاص الذين أمضوا 20 أو 30 عامًا متخصصين في وظيفة وفجأة لا يعود هناك طلب عليها. سيعانون من خسائر كبيرة ولكن على المدى الطويل ستتلاشى، لن يخوض الشباب في تلك الوظائف وسيتحولون إلى شيء آخر، وهناك دائمًا شيء آخر للذهاب إليه”.

و مما لا شك فيه أن عصر الآلة الثاني قد أنشأ مساحات لفرص العمل كانت محيرة حتى بضعة عقود ماضية. فقط ارجع للوراء حتى أواخر التسعينيات وحاول أن تفسر ما هو مشغل YouTube Let’s أو أوائل الثمانينيات وأخبر أحدًا أنك خبير “تهيئة المواقع لمحركات البحث SEO“.

مشغل YouTube Let’s هو أحد الأدوار التي أصبحت ممكنة بواسطة الخدمات التي نمت على الإنترنت.

Image: Nick Heath/YouTube

ولكن برينجولفسون يقول أن “المجتمع لايجب أن يتوقع تكيف الناس ببساطة على فرص العمل الممنوحة لهم من خلال التكنولوجيات الجديدة. فالتكيف مع الاضطرابات العمالية التي أعقبت الثورة الصناعية تطلبت إصلاحًا طويل الأجل لنظم التعليم”، كما قال، “وهو نهج قد يحتاج إلى تكرار”.

وأضاف “إذا نظرتم إلى عصر الآلة الأول فقد عملت الغالبية العظمى من الأمريكيين في الزراعة. الآن هم فقط أقل من اثنين في المئة”، كما قال. “لكن أولئك الأشخاص [الذين يعملون في الزراعة] لم يصبحوا مجرد عاطلين عن العمل، فقد قاموا بإعادة صقل مهاراتهم reskilled. فواحدة من أفضل الأفكار لدى أمريكا كان التعليم الابتدائي الشامل، وهذا أحد الأسباب أنها أصبحت زعيمة اقتصادية وتبنت بلدان أخرى أيضًا هذا النموذج من التعليم الشامل، حيث كان الناس يدفعون ليس فقط لأطفالهم ولكن لأطفال الآخرين مصاريف الذهاب إلى المدرسة “.

تبع ذلك المزيد من التشريعات ففي الخمسينيات وضعت القوانين لدعم انتشار المدارس الثانوية على نطاق واسع والتعليم الجامعي في الولايات المتحدة.

“وضعنا الكثير من الجهد في إعادة صقل مهارات الناس في العصور السابقة. وكان ذلك مكلفًا جدًا وليس بسيطًا، ولكنه كان في نهاية المطاف ناجحًا” كما قال برينجولفسون.

هذا الالتزام من أجل التعليم لابد أن يستمر كما يقول برينجولفسون، الذي يزعم أن التعلم مدى الحياة سوف يكون ضروريًا للناس لمواكبة المتطلبات المتغيرة للأدوار التي يجري باستمرار إعادة تشكيلها بالتكنولوجيا.

“علينا إعادة اكتشاف التعليم وصقل المهارات، وعلى الناس أن تأخذ على عاتقها تعلم هذه المهارات بجدية أكثر. ولأن التكنولوجيا تتغير بسرعة أكبر، فإنها ستكون حالة من التعلم مدى الحياة وصقل المهارات بشكل مستمر.”

بالطبع التعليم لا يزال صعبًا وباهظ الثمن، ولكن يعتقد برينجولفسون أن التدريس يمكن أن يصبح أكثر سهولة للحصول عليه في المستقبل مع ظهور الجامعات مثل جامعة ستانفورد التي تجعل الدورات كلها متاحة مجانًا على شبكة الإنترنت، ومواقع تدريسية على الإنترنت مثل أكاديمية خان.

” الدورات على الإنترنت يمكن أن تساعد بشكل كبير. كان التعليم متباطئًا في استخدام التكنولوجيات الرقمية ولكن هذا يجعلني متفائلًا لأن هناك مجال كبير للتحسين للقيام بعمل أفضل، وأعتقد أن هذا سيحدث في السنوات المقبلة”.

التعليم الأفضل، لا يعني الاستمرار في تدريس الموضوعات نفسها بنفس الطريقة، وبالتأكيد لا يركز في المقام الأول على الثلاثى – القراءة، والكتابة، والحساب – التي لا تزال هي حجر الزاوية في الفصول الدراسية في كثير من أنحاء العالم.

“ذلك الثلاثي كان يومًا هو المهارات التي تلزم العمال للإسهام في الاقتصاد الأكثر تقدمًا في ذلك الوقت”. كما يشير ميترا، فقد صمم النظام التعليمي في إنجلترا في العصر الفيكتوري بشكل جيد جدًا لزمانه ومكانه. ولكن هذا الزمان والمكان لم يعد لنا”، كما ذكر للكتاب.

ولكي يبقى العاملون ذوي قيمة معرفية في عصر الآلة الأخير هذا، يقول برينجولفسون ومكآفي، أن على الناس أن يركزوا على تعلم المهارات الصعبة بالنسبة لأجهزة الحاسب، مثل التفكير Ideation (ابتداع أفكار جديدة)، التعرف على الأنماط واسعة الإطار large-frame pattern recognition ، والاتصالات المعقدة complex communication.

تغيير سياسة التعليم القومية لن يحدث بين عشية وضحاها، وجزئيًا، يرى برينجولفسون الكتاب بمثابة دعوة لليقظة، للتذكرة بأنه إذا كانت التكنولوجيات تقودنا نحو الطريق الخطأ، فعلينا نحن الأفراد أن نفعل شيئًا حيال ذلك.

“أحد أسباب تأليفنا لهذا الكتاب كان هو حمل الناس على تغيير شكل المحادثة، إلى الاهتمام بهذه القضايا وأخذها إلى المقدمة” كما قال. “وما يتعين علينا القيام به هو أن نفهم، كما نقول في السطر الأخير من الكتاب،” إن التكنولوجيا ليست قدرًا، فنحن نشكل مصيرنا “. فإذا قمنا بدور نَشِط أعتقد أننا يمكن أن نعبر للجانب الآخر أكثر ثراءً وازدهارًا مشتركًا أكثر من أي وقت مضى، لكن التكنولوجيا بالتأكيد ليست حتمية”.

المقال الأصلى:
http://www.techrepublic.com/article/ai-is-destroying-more-jobs-than-it-creates-what-it-means-and-how-we-can-stop-it/?tag=nl.e098&s_cid=e098&ttag=e098&ftag=TRE126e25f

في هذا المقال نترجم لكم ما كتبه نيك هيث كبير مراسلي مدونة TechRepublic بالمملكة المتحدة، يكتب عن التكنولوجيا التي يحتاج صناع قرار تكنولوجيا المعلومات لمعرفتها، وآخر الأحداث في مشهد التكنولوجيا الأوروبية.

الجزء الأول:

في هذا الجزء يتحدث نيك عن الأسباب المؤدية لتقلص العديد من المهام التي تقوم بها العمالة البشرية واستبدالها بالميكنة عن طريق الروبوتات أو الحوسبة البرمجية. تعالوا معنا لنتعرف ما هي تلك الأسباب وما الدراسات التي تناولتها ونستكشف معًا ما هي تلك المجالات التي تنبأت الدراسات بتلاشي الدور البشري فيها.

لماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقضي على وظائف أكثر مما يحقق؟ وكيف نحافظ عليها؟

إن الميكنة (Automation) قد تقضي على فرص العمل أسرع من أن تنشئ وظائف جديدة، ولكن الأمل لم يُفقد كله. تحدثت TechRepublicc إلى إريك برينجولفسون حول تغيير مسار المستقبل.

إريك برينجولفسون لديه حلم للمستقبل. أو ربما بشكل أكثر دقة، لديه كابوس! رؤية للعالم حيث ترسخ أجهزة الكمبيوتر قوة النخبة الثرية وتدفع بالأغلبية نحو الفقر. عالم حيث المد المتصاعد من التكنولوجيا لا يرفع كل القوارب، ولكن يمتص الجميع ما عدا أكبر السفن.

برينجولفسون وهو خبير اقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ومشارك في تأليف كتاب عصر الآلة الثاني “The Second Machine Age”، وهو الكتاب الذي يتساءل ما الوظائف التي ستتبقى بمجرد إتقان البرمجيات فإن قيادة السيارات، وترجمة الكلام وغيرها من المهام التي كانت تعد يومًا مجالات بشرية.

واقع مرير (Dystopia) هو أحد النتائج التي يتوقعها برينجولفسون، ولكن لماذا حتى يفكر أنها محتملة؟

كانت التكنولوجيا الحديثة تقلب الصناعات رأسًا على عقب لآلاف السنين. لكن دخول آلات الغزل القوية أو المحركات البخارية لم يسلب البشر عملهم دومًا. إذًا، ما الذى يجعل الحاضر مختلفًا؟ بالنسبة لبرينجولفسون فالسبب هو السرعة التي تنمو بها قوة التكنولوجيا الرقمية، بالإضافة إلى مؤشرات أن أجهزة الحاسب قد بدأت بالفعل في تقليص دور العمل البشري.

إن الارتفاع المُطّرد في قدرات رقائق الحاسب قد أُعلِن عن ملاحظته جوردون موور المؤسس المشارك لشركة إنتل Intel الذي رصد أن عدد الترانزيستورات المحتواة داخل الرقاقة الواحدة يتضاعف كل 18 شهرًا. وفي خلال الـ400 عامًا أو أكثر منذ أن لاحظ ذلك فإن عدد الترانزيستورات في معالجات الحاسب Computer processors قد ارتفعت من 2300 إلى أكثر من 4 بليون ومع كل مضاعفة تحدث قفزة في تعقيد المنطق الذي تتعامل معه الرقاقة.

“إن المضاعفات المتراكمة لقانون موور، والتضاعفات الغزيرة القادمة، تعطينا عالمًا حيث تصبح قوة الحاسبات الفائقة Supercomputers متاحة في ألعاب الأطفال في غضون بضع سنوات، حيث ستوفر الحساسات sensors الزهيدة جدًا حلولًا غير مكلفة للمشكلات التي كانت مستعصية سابقًا، وحيث يستمر الخيال العلمي في التحول لحقيقة واقعة”، كتبها برينجولفسون وآندرو مكآفي المدير المشارك لمركز الأعمال الرقمية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

“أحيانًا الاختلاف في الدرجة (بكلمات أخرى، الزيادة في نفس الشيء) يصبح اختلافًا في النوع (بكلمات أخرى، مختلفة عن أي شيء آخر). فقصة النصف الثاني من رقعة الشطرنج تنبهنا أننا يجب أن نكون على وعي بأن مقدارًا كافيًا من التقدم المطرد يمكن أن ينقلنا إلى مواطن مذهلة “، يستطرد الكُتّاب.

يحدد برينجولفسون تكنولوجيات مذهلة مختلفة تصطف للانقضاض على العمل البشري. مثلًا روبوت شركة ” Rethink Robotics ” المدعو باكستر Baxter، وهو جذع رجل آلي كامل ذو أذرع، وقبضات على شكل مخالب، ورأس مع وجه عبارة عن شاشة LCDD. تم تصميم باكستر ليحل محل العمال في خط التصنيع في مهام متكررة غير مميكنة بعد، مثل إدراج مكونات كبيرة في لوحات الدوائر. يمكن تدريب باكستر لتنفيذ وظائف جديدة بشكل أسهل بكثير من سابقيه من الروبوتات، أولًا عن طريق أخذ ذراعه وتوجيهها إلى حيث يجب أن تلتقط وتسقط الأشياء. يمكن تبديل ‘يديه’ بأكواب للشفط أو مقابض مختلفة للسماح له بالقيام بمهام مختلفة. هذه المرونة وإعادة التدريب السريع، بالإضافة إلى سعر باكستر المنخفض مقارنة بالروبوتات الصناعية الأخرى، يفتح إمكانية ميكنة مجالات شاسعة من الأدوار الجديدة.

ومع ذلك، باكستر ما هو إلا مغتصب ميكانيكي واحد يراه برينجولفسون منتظرًا على الأطراف. ففي المستودع هناك روبوتات شركة كيفا سيستمز “Knee-high bots” المصممة لرفع الأشياء من الرفوف، وفي المكتب يوجد الروبوت المزدوج ” Double telepresence robot”، وبالطبع هناك نجوم الحوسبة المتقدمة، سيارة جوجل ذاتية القيادة Google‘s self-driving car، وواتسون الفائز باختبار شركة IBM.

ويشير برينجولفسون إلى أن معدل التغير التكنولوجي هو في ترتيب مختلف في عصر المعلومات حاليًا، عنه في عصر الثورة الصناعية. وأضاف “أعتقد أنه سوف يتطلب مستوى مماثل من التغيير الشامل ولكنه على الأرجح سيحدث بشكل أسرع. فقد كان المحرك البخاري طفرة ملحوظة وقد فجّر الثورة الصناعية، ولكن كما نقول في الكتاب أنه تضاعف في القدرة والكفاءة تقريبًا مرة واحدة كل 70 عامًا وأربعة أضعاف بعد 140 سنة “.

“إن معالج الكمبيوتر يتضاعف في القدرة كل 18 شهرًا، و 10 أضعاف كل خمس سنوات، إنه نطاق مختلف جدًا من التطور ويؤثر على فئة أوسع من الاقتصاد من المحرك البخاري، من حيث جميع المهام المعرفية cognitive tasks، وهو أمر يحدث أسرع بكثير وأكثر انتشارًا من ذي قبل “.

ولكن هل من الصحيح أن نربط معدل التغيير المجتمعي، والتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، بالسرعة الخطيرة التي تصبح بها المعالجات أكثر قدرة؟ ليس الجميع متفقون على ذلك.

نيك جينينغز، أستاذ علوم الحاسب في جامعة ساوثامبتون لديه سنوات من الخبرة في العمل مع الحوسبة المبنية على العميل agent-based computing والأنظمة الذكية intelligent systems. قال أنه لا يتوقع تقدمًا جامحًا في مجال الذكاء الاصطناعي يتردد صداها خلال بقية المجتمع.

“[أنا لا أرى] تحوّلات كبرى، لا”، قال جينينغز. “أرى زيادة تدريجية في الميكنة وزيادة تدريجية في أدوات البرمجيات التي يضطر الناس إلى دعمها في عملهم اليومي، وأنا لا أرى أي غير اطراد، أرى المعالجة تتحسن، والسرعات تتحسن، ومزيد من البيانات تصبح متاحة ونحن نجري خوارزميات أكثر تعقيدًا على تلك البيانات. وأنا لا أرى أي شي يؤدي إلى إحداث تغيير مرحلي أو انفصال في خطوة واحدة.

وأضاف “إن إعاقة الحوسبة الكمومية Quantum Computing عن الظهور، هو أمر قد يغير اللعبة حقًا بالنسبة لكل شيء. أعتقد أنها الطفرات القياسية التي سوف يراها الجميع، ثابتة، وتقدم لا ينضب”.

هل يخسر البشر بالفعل أمام التكنولوجيا في مكان العمل؟

وحتى مع تحسن تقنيات الحوسبة بذلك المعدل “الثابت، الذي لا ينضب” فإن الوظائف يمكن أن تفنى بشكل أسرع مما تنشأ. وبالنسبة لمعظم النصف الثاني من القرن العشرين فإن القيمة الاقتصادية المتولدة بالولايات المتحدة – إنتاجية الدولة – نمت جنبًا إلى جنب مع عدد العمال. ولكن في عام 2000 بدأ القياسان في التباعد. من مطلع القرن اتسعت الفجوة ما بين الإنتاجية والمجموع الكلي للعمالة. بحلول عام 2011، اتسع هذا الفارق بشكل ملحوظ، مما يعكس استمرار النمو الاقتصادي لكن بدون أي زيادة مصاحبة في نشأة فرص العمل.

وقال برينجولفسون “على عكس معظم القرن العشرين نحن نرى الآن انخفاض للعمالة نسبة إلى السكان وهذا شيء يهمنا. ولا نعتقد أنه أمر حتمي ولكننا نعتقد أن العديد من الاتجاهات الأساسية في مجال التكنولوجيا من المرجح أنها تسرع من هذا، وذلك شيء نحن بحاجة إلى الانتباه الجاد إليه.

إن الانقسام يظهر في الفوارق الأخرى. فخلال الربع الأخير من القرن الماضي استمرت الفجوة في الدخل بين الأغنياء والفقراء في دول منظمة التعاون الاقتصادي OECD في الاتساع. واليوم متوسط دخل الأغنياء في هذه البلدان هو تسع أضعاف قيمته للفقراء.

وهذه ليست الإحصائية الوحيدة الذي تسلط الضوء على حالة عدم المساواة المتزايدة. فللمرة الأولى منذ الكساد العظيم، فإن أكثر من نصف إجمالي الدخل في الولايات المتحدة قد ذهب إلى أغنى 10 في المئة من المواطنين الأمريكيين في عام 2012. وعلاوة على ذلك، ما بين عامي 1973 و 2011 فإن متوسط الأجر بالساعة في الولايات المتحدة تغير بالكاد، بمعدل نمو 0.1 في المئة فقط في السنة.

لا تقتصر فجوة الثروة هذه على أمريكا فحسب. ففي السويد وفنلندا وألمانيا، فإن عدم المساواة في الدخل قد نما بسرعة أكبر على مدى 20 إلى 30 عامًا الماضية بأسرع مما هو عليه في الولايات المتحدة.

يقول الكتاب: “إن الإنتاج في عصر الآلة الثاني أقل اعتمادًا على المُعدّات الماديّة والهياكل وأكثر اعتمادًا على الفئات الأربع من الأصول غير الملموسة: الملكية الفكرية ورأس المال المنظمة، والمحتوى المقدم من المستخدمين، ورأس المال البشري” كما جاء في الكتاب، للإشارة إلى أن في الولايات المتحدة، فإن حصة الناتج المحلي الإجمالي GDP الموجهة إلى العمل قد انخفضت على مدى العقد الماضي، وانخفضت إلى أدنى مستوياتها في الربع الثالث من عام 2010، إلى 57.8 في المئة.

“وكما اتفق الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل فاسيلي ليونتيف، في عام 1983 قاطعًا بأن “دور البشر الذين هم أهم عامل للإنتاج بتقلص بنفس الطريقة التي تقلص بها سابقًا دور الخيول في الإنتاج الزراعي ثم تم القضاء عليه بإدخال الجرارات “.

تم التنبؤ بأن المجتمع يتجه نحو فترة من البطالة التكنولوجية منذ عقود من قِبَل جون ماينارد كينز، الذي توقع أنها نتيجة حتمية للمجتمع الذي يكتشف طرقًا لجعل العمل أكثر كفاءةً أسرع مما يجد استخدامات جديدة له.

“لا يوجد قانون اقتصادي يقول أنك سوف دائمًا تنشئ وظائف كافية باستمرار أو أن التوازن سيكون عادلًا على الدوام”، فمن الممكن للتكنولوجيا أن تتحيز بشكل كبير لمجموعة واحدة وتؤذي مجموعة أخرى، والخلاصة من ذلك أن يكون لديك وظائف أقل”، كما قال برينجولفسون.

ما هي الوظائف المعرضة للخطر؟

إذًا، أي نوع من الوظائف يظن برينجولفسون أنها ستسقط قبل الميكنة بالبرمجيات وقدرة أنظمة الحاسب على إيجاد الأنماط في المخازن الهائلة من البيانات؟ مما لا يثير الدهشة، أنها تلك المهام الروتينية سهلة التحديد.

“هذه المهام المتوسطة المهارة في هيكلها. المهام الروتينية لمعالجة المعلومات ستظل دومًا تحت الكثير من الضغط: كُتّاب الحسابات، وكلاء السفر، والمساعدون القانونيون – قد لا يكونوا محامين أو وكلاء النيابة ولكن مساعدون من المستوى الأول. وقد تحدثت بالفعل إلى شركة قانونية كبيرة وقالوا أنهم لا يقومون بتوظيف عدد كبير من هذا النوع من الناس لأن الآلة يمكن أن تفحص مئات الآلاف أو الملايين من الوثائق وتعثر على المعلومات ذات الصلة من أجل قضية أو محاكمة أسرع بكثير وأدق مما يستطيعه الإنسان” كما قال برينجولفسون.

ما وراء هذه الأدوار تصور برينجولفسون موظفي مركز استقبال المكالمات يتم استبدالهم تدريجيًا بأنظمة آلية للرد على الأسئلة – نتجت من الزواج بين ‘واتسون‘ نظام IBM الفائز في المخاطر، و‘سيري‘ مساعد Applee الافتراضي. وهو يتوقع أيضًا تخفيض بعض الأدوار القيادية إلى حد مجالسة الحاسب الذي يتحكم بالسيارة في أغلب الرحلة فحسب- وتحرر السائق البشري لاستكمال مهام أخرى.

يتحدث برينجولفسون عن المستقبل القريب، ولكن بالمضي قدمًا لبضعة عقود من الزمان فإن تبعات التعلّم العميق Deep learning وتقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى الحالية يمكن أن يكون تفنى بالميكنة نصف الوظائف التي توجد في الولايات المتحدة اليوم.

وهذا هو تنبؤ كارل بينيديكت فراي ومايكل أ. أوزبورن من مدرسة مارتن بأكسفورد وكلية الفلسفة في المملكة المتحدة.

“وفقًا لتقديراتنا، فإن 47 في المئة من إجمالي العمالة الأمريكية في فئة المخاطر العالية، مما يعني أن المهن المرتبطة بهم يحتمل أن تتحول للميكنة على مدار عدد غير محدد من السنوات، ربما عقد أو عقدين”، كما يتوقعان في تقريرهما ‘مستقبل التوظيف‘.

ويتوقعات خلال العقود القادمة اثنتين من “موجات الحوسبة” يتم خلالها انحسار فئات مختلفة من الوظائف، واستحالة بقاء مجال عمل دون أن يمس. “في الموجة الأولى، نجد أن معظم العاملين في مهن النقل والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى الجزء الأكبر من موظفي الأعمال المكتبية والدعم الإداري، والعمل في مهن الإنتاج، من المرجح أن تستبدل بكتلة من الحواسب.

“وبما أن تطوير السيارات المحوسبة بالفعل والتخفيض المستمر لتكلفة أجهزة الاستشعار ‘الحساسات‘ يجعل تكملة المركبات بأجهزة استشعار متطورة على نحو متزايد فعّالة من حيث التكلفة، لذا فالتشغيل الآلي (ميكنة) مهن النقل والخدمات اللوجستية يتماشى مع التطورات التكنولوجية الموثقة في المطبوعات.

“وعلاوةً على ذلك، فإن خوارزميات البيانات الكبيرة Big data بالفعل تدخل بسرعة المجالات التي تعتمد على تخزين أو الوصول إلى المعلومات، مما يجعل أيضًا من البديهي أن تكون المهن المكتبية والدعم الإداري عُرضة للحوسبة.

“إن حوسبة مهن الإنتاج توحي ببساطة استمرار للاتجاه الملحوظ على مدى العقود الماضية، مع الروبوتات الصناعية التي تقوم بالمهام الروتينية لمعظم المشاركات في مجال التصنيع. وبما أن الروبوتات الصناعية أصبحت أكثر تقدمًا، ببراعة وحواس محسّنة، فإنها سوف تكون قادرة على أداء نطاق أوسع من المهام اليدويّة غير الروتينية.

ومن وجهة نظر القدرات التكنولوجية، فإن الباقية الواسعة من فرص العمل في مهن الإنتاج بالتالي من المحتمل أن تتضاءل على مدى العقد المقبل”. كما توقعا أيضًا اضطرابًا في وظائف صناعات الخدمات بسبب الروبوتات الشخصية وروبوتات الخدمات المنزلية، ومزيد من الميكنة لأدوار المبيعات الروتينية، مثل الصرّاف والتسويق الهاتفي، ومن التصنيع المسبقة للمباني إلى وظائف البناء. حتى المميزات التي يحملها البشر في جوهرهم، مثل سمات الإبداع، قد لا تبقى دائمًا أبعد من قدرة الآلات.

في الخمسينيات أدى معجزة الشطرنج الشاب خطوة شطرنج تم تكريمه باعتبارها إبداع بشري استثنائي خلال مباراة أطلق عليها اسم ‘لعبة القرن‘. ومع ذلك، وكما يشير برينجولفسون في الكتاب، اليوم أن نفس الخطوة سيتم تنفيذها من قبل أي برنامج شطرنج عادي عند تقديم الرقعة نفسها له. وكما يقول: “في بعض الأحيان، يكون إبداع رجل واحد هو تحليل القوة العمياء brute-force analysis لآلة أخرى.” ومع استمرار أجهزة الحاسب للتطور في القدرة، حتى بصورة أبطأ من قانون موور، يصبح تحليل القوة العمياء حيويًّا لمجموعة أوسع من المشاكل.

الإنشاء الرقمي مقابل الفناء:

بمجرد تقديم التكنولوجيا في صورة رقمية، يمكن أن تتطور بمعدل مندفع كما ذُكِر في قانون موور. وعندما يحدث ذلك، فهناك احتمالات لزيادة قدراتها على قدم وساق في حين تنخفض تكاليفها في ذات الوقت. يستكشف برينجولفسون فكرة أن التكنولوجيا في صورة رقمية يمكن أن تقلل بشكل ك

يستكشف برينجولفسون فكرة أن التكنولوجيا في صورة رقمية يمكن أن تقلل بشكل كبير من تكلفة التكنولوجيا نفسها، فضلًا عن تقليص البنية التحتية والأفراد اللازمين لدعمها. خذ التصوير الرقمي على سبيل المثال.

كما أشار برينجولفسون ومكآفي، في عصر توضع فيه الصور على محركات الأقراص الصلبة وليس في ألبومات، فالحاجة لعدد كبير من العمالة تتلاشى. “هذه الصور كلها رقمية، وبالتالي فإن مئات الآلاف من الناس الذين اعتادوا على العمل على صنع المواد الكيميائية للتصوير الفوتوغرافي والورق لم تعد هناك حاجة إليهم. وفي العصر الرقمي، فإنه يحتاجون إلى إيجاد طريقة أخرى لإعالة أنفسهم،” كما ذكرا. “شركات مثل إنستجرام وفيسبوك توظف نسبة ضئيلة من البشر الذين كانوا في حاجة إليهم في كوداك.

ومع ذلك، فإن فيسبوك تبلغ قيمتها السوقية أكبر عدة مرات من كوداك في أي وقت مضى، وجعلت مما لا يقل عن سبعة أشخاص مليارديرات”. ويمكن ملاحظة هذا التفريغ للبنية التحتية الداعمة يتكرر في العديد من الصناعات.

“وبمجرد رقمنة الخوارزميات يمكن تكرارها وتسليمها إلى الملايين من المستخدمين بتكلفة تقرب من الصفر.” كما يرى المؤلفان هذه الاتجاه نحو تقريبًا مجانية التداول إيجابية – من حيث خفض تكلفة استخدام هذه التكنولوجيا لدرجة أن تصبح في متناول أعداد أكبر بكثير من الناس، وتمكينهم من بناء مؤسسات جديدة. انظروا كيف أدت شبكة الإنترنت إلى انفجار في الشركات الإلكترونية online companies. أو انظر كيف أدى ذلك إلى انفجار الدورات التي تدرسها بعض المؤسسات المرموقة في العالم، والآن متاحة مجانًا على الإنترنت.

ومع ذلك، فإن هذه السماحية التكنولوجية، كما يدعوها برينجولفسون، قد لا تكون كافية لتعويض الزيادة في تكاليف المعيشة. في حين أن تكلفة التقاط الصور قد انخفضت فلا يمكن أن يقال الشيء نفسه على كثير من ضروريات البشر الضرورية للحياة – الطعام والشراب والوقود. الكتاب يستشهد ببحث لجاريد بيرنشتاين، الذي قارن الزيادة في متوسط دخل الأسرة في الولايات المتحدة بين عامي 1990 و 2008 مع التغيُّرات في تكاليف السكن، والرعاية الصحية، والجامعة.

ووجد أنه عندما نما دخل الأسرة بنسبة 20 في المئة خلال تلك الفترة، ارتفعت أسعار المساكن والكليات بنحو 50 في المئة، والرعاية الصحية بأكثر من 150 في المئة. ولكن ليست كل فرص العمل بكافة المجالات ستتعرض للاندثار فهناك مجالات ستقاوم الميكنة وتحتفظ بالدور البشري فيها وهناك وسائل للمرحلين كي يجدوا لأنفسهم مجالات جديدة للرزق. انتظرونا لتتعرفوا عليها في الجزء الثاني.

مصدر المقال الأصلى: http://www.techrepublic.com/article/ai-is-destroying-more-jobs-than-it-creates-what-it-means-and-how-we-can-stop-it/?tag=nl.e098&s_cid=e098&ttag=e098&ftag=TRE126e25f