في السنوات الأخيرة انتشرت فرص الحصول على منح دراسية وكثير من المميزات الإضافية من بعض الجامعات في الدول العربية، ولنكن أكثر تحديدًا فھي جامعات دول الخليج العربي المختلفة وبشكل خاص جامعات المملكة العربية السعودية. وللإجابة عن ھذا السؤال يجب أن نضع نصب أعيننا سؤال آخر عن مدى مستوى جودة التعليم والبحث بھذه الجامعات، والتي يعكسھا إلى حدٍ بعيد تصنيفات الجامعات على مستوى العالم ويوجد عدة تصنيفات، أُفضِّل بشكل شخصي منھا تصنيف شنغھاي لأفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم والذي يعطي معلومات عن أفضل الجامعات في تخصصات بعينھا أو مجالات عامة بعينھا لأفضل مائتي جامعة في التخصص أو المجال فضلًا عن التصنيف العام.
من بواعث الفخر أن ترى جامعات المملكة العربية السعودية في تقدم مستمر فبسھولة ستقع عيناك على العلم الأخضر المميز بالسيف وعبارة الشھادة في مقدمة التصنيف لبعض التخصصات ويمكنك التعرف علي اسم مألوف ھو “جامعة الملك عبدالعزيز“.
تصنف جامعة الملك عبدالعزيز في المرتبة العاشرة في تخصص الرياضيات علي مستوى العالم طبقًا لتصنيف شنغھاي لعام ٢٠١٤!
بينما تحتل “جامعة الملك فھد للبترول والمعادن” المرتبة الخامسة والأربعين (45)، وتحتل “جامعة الملك سعود ” ترتيب من 101-150 تبعًا للترتيب الأبجدي، حيث يقع في ھذه المرتبة عدد من الجامعات (في نفس التخصص).
بينما في تخصص الكيمياء تحتل “جامعة الملك عبد العزيز” المرتبة الثامنة والثلاثين (38) وتليھا في المرتبة واحدة من أحدث الجامعات إنشاءً في المملكة وھي ” جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا” في المرتبة 51-75، ثم “جامعة الملك سعود ” في المرتبة 101-150.
أما في الفيزياء فيتأخر ترتيب “جامعة الملك عبد العزيز” قليلآً لتحل في المرتبة 101-150، بينما تحل في المرتبة 50-75 في علوم الكمبيوتر!
وفي مجالات العلوم الطبيعية والرياضيات والمجالات الھندسية والتكنولوجيا بشكل عام تأتي ” جامعة الملك عبد العزيز” في المرتبة 50-75 علي مستوى العالم، ويليھا “جامعة الملك سعود” في المرتبة 101-150 في المجالات الھندسية فقط .
بينما في مجالات علوم الحياة والزراعة بشكل عام تحل “جامعة الملك عبد العزيز” في المرتبة 101-150.
وأعتقد بحلول الجامعة الوليدة “جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا ” في ھذه المرتبة المتقدمة في تخصص الكيمياء فھو دلالة على أنھا ولدت أكبر من جامعات أخرى قديمة ولا يمكن أن تستدل علي وجودھا أو إسھاماتھا بشيء، وأثبتت ھذه الجامعة كفاءة النظام المطبق بھا. ومنتظر من ھذه الجامعة أن تقود الجامعات السعودية والعربية في الفترة المقبلة لما بھا من عقول نابغة وإمكانيات ھائلة.
وبالرغم من الجدل الدائر حول كيفية وصول الجامعات السعودية إلى مثل ھذا التصنيف المتقدم في خلال فترة زمنية وجيزة وأن ھذا تم تحقيقه من خلال تعاقدھم مع أساتذة وباحثين في كبريات الجامعات العالمية خاصّةً ممن يتم تصنيف أبحاثھم على أنھا من أكثر الأبحاث التي يتم الاستشھاد بھا كمراجع مما يرفع بالتالي من تصنيف الجامعات التي ينتمون إليھا، خاصة أن التعاقد مع الجامعات السعودية كما ذكرت بعض المقالات التي تناقش ھذا الموضوع يكون ملزمًا لھؤلاء الباحثين بإضافة أسماء ھذه الجامعات على أبحاثھم كجھات ينتمون إليھا أو يعملون بھا حتى وإن كان بشكل جزئي، إلا أن بعض ھؤلاء الأساتذة يقوم بالرد على ھذا الادعاء مثل (عالم الفلك جيرى جيلمور من جامعة كامبريدج والمتعاقد مع جامعة الملك عبدالعزيز) يقول أن ما تفعله الجامعات السعودية لا يختلف عمّا تفعله أي جامعة من كبريات الجامعات في العالم مثل ھارفارد وغيرھا بالتعاقد مع الأساتذة والباحثين المعروفين فالجامعات طوال الوقت تشتري سمعة الأشخاص.
وردّ آخر (من أستاذ الرياضيات المتقاعد بجامعة أوھايو كولمبوس نيل روبرتسون) أنھا الرأسمالية فھم – أي الجامعات السعودية – يمتلكون المال ويريدون بناء شيء باستغلاله، ويوجد ردود أخرى يمكن الإطلاع عليھا من روابط الردود على المقال المصدر بمجلة ساينس. (المصدر بالروابط)
وقد تكون ھذه حقيقة واقعة خاصة في جامعات مثل “جامعة الملك سعود” و”جامعة الملك عبدالعزيز” (حيث أن ھاتين الجامعتين ھما الأكبر و اللتان يدور حول تقدمھما في التصنيفات العالمية كل الجدل) بتعاقد ھاتين الجامعتين مع كبار العلماء للعمل بشكل جزئي لديھما بجانب عملھم الدائم في جامعاتھم الأصلية، حيث يطلب من الأساتذة الأجانب القيام بزيارات قصيرة لإلقاء بعض المحاضرات أو المساھمة في الإشراف على الطالب وھذا ما لا يتعدي فترات تصل في أقصاھا إلى عدة أسابيع سنويًا مقابل مبالغ مالية ضخمة
تصل إلى ٧٢٠٠٠ دولار في العام الواحد والتي قد يتم دفعھا في شكل راتب للأستاذ أو في شكل مشاريع بحثية مشتركة مع الجامعات الأصلية لھؤلاء الباحثين إلا أن الوضع يختلف كليًّا بالنسبة للجامعة الجديدة “جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا”، فالأساتذة الذين يعملون بھا يعملون بصفة تعاقد كاملة وأغلبھم من الأجانب و البعض من أصول عربية ولكن ما يميزھم ھو أنھم ممن حصلوا على درجاتھم العلمية من كبريات الجامعات العالمية ومن المشھود لھم بالتميز.
المحصلة ھنا أنه بغض النظر عن طريقة الوصول لمثل ھذه التصنيفات، إلا أن التعاقد مع الأساتذة الكبار ھو طريق لتحسين البحث العلمي المحلي في ھذه الجامعات من خلال إتاحة الفرص للأساتذة أوالطلاب العاملين والدارسين بھا على حد سواء للاحتكاك بمثل ھؤلاء الباحثين المتميزين على مستوي العالم، فھذا عامل تحفيز توفره تلك الجامعات بالإضافة لتوفير العديد من الإمكانيات البحثية المتميزة للباحثين والطلاب بھا.
ونحن إذ نأمل أن تسير جامعاتنا كلھا على سبيل الرقي والمساھمة في الإنتاج العلمي العالمي لما فيه الخير لبلادنا وللشعوب بوجه عام.
وھذه قد يمكن أن تعتبر دعوة لھؤلاء ممن يبحثون عن فرص للدراسة في الخارج، فالجامعات السعودية توفر اختيارًا جيدًا لھم، خاصّةً بسبب الثقافة واللغة المشتركة وتقارب المسافات.
وإن كانت ھذه من الإيجابيات فمن خلال خبرات الآخرين وخبرتي الشخصية في العمل بإحدى ھذه الجامعات لا زالت تتواجد بعض السلبيات التي يمكن أن تواجه أي شخص مقبل على الدراسة بأي مكان أخر.
فلكل مكان إيجابياته وسلبياته، وقد تكون بعض الأمور نسبية، فالبعض قد يراھا من السلبيات والبعض يراھا من الإيجابيات تبعًا لھدف كل شخص. ولكن حتي السلبيات ھنا قد تكون أيضًا مشتركة في كثير من الأحيان مع ما قد يواجهه أي طالب بمصر أو بأي جامعة في أي بلد أخر، بينما المسألة الكبرى التي تؤثر علي مسار أي طالب أن يكون ھناك تأخر في الانتھاء من الدرجة العلمية ففي بعض الأمثلة قد تجد أن الانتھاء من درجة الماجستير قد يتطلب وقت يتعدى ضعف نظيره في الدول الغربية لسبب أو آخر بالرغم من توافر الإمكانيات البحثية المتميزة.
إلا أن مثل ھذه السلبيات يمكن تجاوزھا بوضع خطة جيدة قبل البدء في البرنامج الدراسي وھذا يجب أن يتم تطبيقه في أي حال من الأحوال سواء بالدراسة في دولة غربية كانت أو شرقية أو في أي من الدول العربية التي تقدم مثل ھذه الفرص.
فجامعات المملكة العربية السعودية ليست وحدھا التي تقدم فرص للباحثين، فھناك جامعات دولتي الإمارات وقطر حيث أن ھاتين الأخريين بھما عدد من فروع الجامعات العالمية بالإضافة للجامعات المحلية وأيضًا ھناك جامعة الكويت والتي تقدم راتبًا شھريًا مغريًا للطالب يصل إلى ٣٥٠٠ دولار أمريكي لدرجة الماجستير و٥٠٠٠ دولار أمريكي لدرجة الدكتوراه بالإضافة لمساعدات أخرى عديدة للسكن والإقامة للطلاب من غير المقيمين بدولة الكويت وھو ما يتجاوز ضعف ما تقدمه أغلب إن لم يكن كل الجامعات، ولا زال ھناك جامعات أخرى في العالم الإسلامي تقدم فرص للدراسة بھا، فھناك ماليزيا وسنغافورة وھاتان الدولتان الأخريان يتميزان الآن بتقدم مستوى البحث العلمي والجامعات بھما.
ويتضح من كل ھذا أن ھناك جھود عظيمة تبذل في العديد من دول العالمين العربي والإسلامي لجذب عقول الباحثين سواء أكانوا طلابًا أم أساتذة للنھضة بمستوى البحث العلمي في ھذه الدول خاصة تلك التي تتميز بارتفاع دخولھا وفي ذات الوقت تنخفض فيھا معدلات طلاب الدراسات العليا والباحثين ويصب كل ھذا في مصلحة الباحثين عن فرصة لإتمام دراساتھم العليا بزيادة فرص اختياراتھم بين ھذه الدول والجامعات التي تتطلب شروط التحاق متفاوتة وتقدم مميزات مختلفة.
مصادر وروابط:
تصنيف شنغھاي بما يشمل كل تخصص أو مجال لأفضل ٥٠٠ جامعة على مستوى العالم. Academic Ranking of World Universities,
http://www.shanghairanking.com/SubjectChemistry2014.html
روابط للجدل الدائر عن وصول الجامعات السعودية لھذا التصنيف المتقدم في فترة قصيرة.
Bhattacharjee, Y., Saudi Universities Offer Cash in Exchange for Academic Prestige, Science, Dec. 9th, 2011: Vol. 334 no. 6061 pp. 1344-1345, DOI: 10.1126/science.334.6061.1344,
http://www.sciencemag.org/content/334/6061/1344.short
Yahia, M., Are Saudi Universities Buying Their Way Into Top Charts? Nature Middle East, Jan. 11th, 2012.
http://blogs.nature.com/houseofwisdom/2012/01/are‐saudi‐universities‐buying‐their‐way‐into‐top‐charts.html
Messerly, M. Citations for Sale, The Daily Californian, Dec. 5TH, 2014,
http://www.dailycal.org/2014/12/05/citations-sale/
رابط لمنح جامعة الكويت:
http://www.kuniv.edu/ku/Announcement/KU_012382